اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 319
حينذاك مجرد صدقة ونفقة يتقدم بها المؤمن بحسب ظروفه والفائض من ضرورياته لتنفق على إخوانه من المحتاجين، ولم يكن لها قدر محدّد ولا مصرف محدّد كذلك، وفى السنة الثانية من الهجرة حدد مقدارها ومصارفها ونظمت جبايتها، فسبق إلى ذهن الكثير أنها إنما فرضت فى السنة الثانية من الهجرة، وكان هذا التدرّج فى التشريع طبيعيّا، فإن جباية الزكاة من مهمة الحاكم أولا، ولم يكن ثمّ حاكم إسلامى بمكة، حتى إذا استقرّ الأمر فى المدينة وقامت فيها الحكومة الإسلامية الأولى كان طبيعيّا أن يكون من تمام مهمتها أن ينظم الله هذه الناحية الهامة للناس.
[مصارف الزكاة]
[1، 2 - الفقراء والمساكين]
وتصرف الزكاة لثمانية أصناف هم هؤلاء، وهما صنفان لجنس واحد هو أهل الحاجة.
الفقراء والمساكين: هم المحتاجون وذوو الفاقة، إلا أن الفقير هو الذى تكون حاجته وفاقته عن ضيق وسائل الأرزاق وقلة الموارد وندرة أبواب العمل والكسب، والمسكين هو الذى تكون حاجته عن ضعف فى بدنه يحول بينه وبين العمل والسعى، وبهذا التوجيه تندفع كل الاعتراضات ونخرج من الخلاف الطويل بين الفقهاء بأحسن
المخارج، ويكون التوفيق بين الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة على أفضل وجوهه، فضلا عما فى ذلك من التنبيه على دقة التصور فى الآية واستيعابها لذوى الحاجات. فإنك لا تكاد تجد فرقا فى أوصاف الفقير أو المسكين فى الآيات الواردة من حيث الاحتياج أو التعفّف أو غفلة الناس عن التفطّن إليهم، وتكاد الصفات من هذه الوجوه كلها تكاد تكون واحدة فى الآيات والأحاديث، فالآية تقول فى الفقراء: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً [البقرة: 273] والحديث يقول فى المساكين:" ليس المسكين الذى ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذى يتعفّف اقرءوا إن شئتم: (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) [1] وفى لفظ:" ولكن المسكين الذى لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن [1] رواه أحمد (3/ 106) والبخارى (4539) والنسائى فى" المجتبى" (2571) وفى" الكبرى" (11053) و (2352) والبيهقى فى" السنن" (10/ 95) وفى" الشعب" (3518) والدارمى (1615) وأبو يعلى (6378) عن أبى هريرة رضي الله عنه.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 319